الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الناس في شريعة الإسلام ينقسمون إلى قسمين كبيرين: مسلم وغير مسلم، واقتضت أحوال الناس ومصالحهم إلى أن يختلط بعضهم ببعض، مسلمهم وكافرهم، وربما لم تكتمل مصالحهم إلا بالتعامل المتبادل بينهم، وهو ما حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين في المجتمع المكي، والمدني أيضا.
وهذا التعامل أو التعايش بين المسلم وغير المسلم، لم يكن مفتوحا بإطلاق، في جميع الأحوال، ومع كل أصناف الكفار، بل ثمة ضوابط تضبطه، وحدود تحده، وقواعد ينطلق منها، وثوابت ومسلمات لا يمكن تجاوزها، أو الاستهانة بها.
وهذا أمر لا بد من بيانه وإيضاحه، حتى يحصل التعايش المقبول شرعاً، دون إخلال بواجبات الدين، ومحكماته.
وقد أخطأ في هذا الباب قسمان من الناس:
أحدهما: غلا وبغى وضاق إسلامه –بناء على فهمه الخاطئ- بغير المسلمين، فلا يريد التعامل معهم في شيء، أو التعايش معهم البتة على نحو ما، وربما جعل ذلك موجب البراءة منهم ومن دينهم، وقد يتجاوز إلى حد الاعتداء عليهم، ظناً منه أن ذلك هو الدين الحق، كما هو حاصل من بعض الجماعات الغالية اليوم.
والثاني: وسَّع مفهوم التعايش الجائز، والتعامل الذي سمحت به الشريعة، فتنازل عن مسلمات، واستهان بمحكمات، وجعل ما أجازته الشريعة من ذلك وسيلة لاتباع الهوى، والذوبان في المجتمع الكافر، ومجاملتهم ومداهنتهم على حساب دينه، فأفرغ الإسلام من معناه، وجرد المسلم من هويته.
تكمن أهمية الموضوع في الجوانب التالية:
1.بيان
الموازنات الشرعية في قضيتي عمل المرأة اختلاطها بالرجال.
2.أن المرأة
تمثل نصف المجتمع فلا بد من رعاية حقوقها والدفاع عن قضاياها الملحة.
3.كشف عوار
وزيْف العلمانيين وأهل الزيغ والإنحلال الذين يروجون للجنس المحموم والفواحش باسم
حرية المرأة، وإخراجها من بيتها للعمل في ميادين الرجال والاختلاط بهم.
4. إن طرْق مثل
هذا الموضوع وبيان بعض أحكامه مندوب إليه شرعاً وفيه معونة على البر والتقوى .