الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف المرسلين وعلي آله و صحبه أجمعين و بعد :
فإن تدبر القران الكريم من أعظم الغايات التي أنزل القران من اجلها كما قال الله ( كتاب انزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب ) } ص : 29{
و بالتدبر يفهم كلام الله تعالي و تتذوق حلاوتة و يحصل الا تعاظ و الا نتفاع به قال تعالي ( لو انزلنا هذا القران علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله و تلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )} الحشر : 21 {
و لهذا أمر الله بتدبر كتابه و حث علي التفكير في عبرة و تأمل آياته فقال ( ليدبرو آياته و ليتذكر أولو الألباب ) } ص : 29 { وذم المعرضين عن تدبره فقال ( أفلا يتدبرون القران أم علي قلوبهم أقفالها ) }محمد : {
قال الشيخ السعدي في تفسيره قوله تعالي ( أفلا يتدبرون القران و لو كان من عند الله لو جودوا فية اختلافا كثيرا ) } النساء {
يأمر تعالي بتدبر كتابه . و هو التأمل في معانيه . و تحديق الفكر فيه . و في مبادئه و عواقبه و لوازم ذلك فإن تدير كتاب الله مفتاح للعلوم و المعارف . وبه يستنتج كل خير و تستخرج منه جميع للعلوم و المعارف .وبه يزداد الإيمان في القلب و ترسخ شجرتة ...... و كلما ازداد العبد تأملا فيه ازداد علما و عملا و بصيرة للذلك أمر الله بذلك و حث عليه و أخبر أنه هو المقصود بإنزال القران كما قال تعالي ( كتاب انزلناه اليك مبارك ليديرو آياته و ليتذكر أولو الالباب ( وقال تعالي : أفلا يتدبرون القران أم علي قلوب اقفالها ) ( تفسير السعدي ص 189 )
و قال الحافظ السيوطي " و تسن القراءة بالتدبر و التفهم فهو المقصود الأعظم و المطلوب الأهم و به تنشرح الصدور و تستنير القلوب .... و صفة ذلك أن يشغل قلبه بالتفكير في معني ما يلفظ به فيعرف معني كل أية و يتأمل الأوامر و النواهي و يعتقد قبول ذلك فإن كان مما قصر عنه فيما مضي اعتذر و استغفر و إذا مر بآية رحمة استبشر و سأل أو عذاب أشفق و تعوذ أو تنزيه نزه و عظم أو دعاء تضرع و طلب " . } الإتقان في علوم القران ( 1\368 ) { .
ومن أجل تحقيق هذه الغاية جاءت فكرة هذا المركز الذي قصد من إنشائه التعريف بمفهوم التدبر و أهميته و طرق تحصليه و بيان حاجة الناس إليه و ذلك إحياء لسنة التدبر و ربطا للأمة بكتاب ربها .