مُقَدِّمَة:
الحمد لله، الحكم العدل، اللطيف الخبير، نحمده هو أهل الحمد والثناء، والبذل والعطاء، علَّمنا كيف ومتى ندعوه. والصَّلاة والسَّلام على مَنْ به انكشفت الظلمات، وخمدت للكفر بفضله منارات، سيدنا محمد، معلم الإنسانيّة وهادي البشريّة إلى صراط ربها المستقيم، وعلى آله وصحبه ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد،،،
إنَّ كرم الله تعالى في إعانة عبيده المفتقرين إليه لا حدود له، بل إنَّه جلَّ شأنه أكرم الأكرمين، وأجود الجوادين، يعرض كرمه على عباده، يطلب إليهم أنْ يدعوه ويتعهد لهم بالإجابة ]وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ [غافر: 60]، وهو القريب إليهم إذا ما لجأوا إليه، واستنصروا به وسألوه، ]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[ [البقرة: 186].
وللدعاء آداب وشروط ينبغي على الداعي أنْ يلتزم بها حتَّى يكون مستجاب الدعوة، كما أنَّ عليه أنْ يتحرَّى الأزمنة والأمكنة التي فيها مظنة إجابة الدعاء، كنزول الغيث، وعند التحام الصفوف، وفي السَّحَر، وما بين الأذان والإقامة ...الخ.
مُقَدِّمَة:
الحمد لله الذي أنعم على الإنسانيّة برسالة الإسلام، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد بن عبد الله خير الأنام، وعلى آله وأصحابه الكرام. وبعد،،،
فإنَّ الله تعالى قد أناط سعادة الإنسانيّة على مرّ العصور والأزمان وإلى أنْ تقوم الساعة بشريعة الإسلام، وقد حفظ مصادرها، وأودعها من الخصائص ما يجعلها وافية بهذا الأمر. فما من واقعة أو حادثة أو تصرُّف إلاَّ وله في الشريعة الإسلامية حكم: إمَّا أنْ يكون منصوصاً عليه في الكتاب أو السُّـنَّة فيؤخذ مباشرة أو غير منصوص عليه فيؤخذ عن طريق الاستنباط.
وأوّل طريق يلجأ إليه المجتهد لاستنباط الحكم الشرعي فيما لا نص فيه هو القياس، وهو الأساس التشريعي الذي يبيّن مدى ارتباط الأحكام الشرعيّة بمصالح العباد وحاجتهم.
والقياس يقوم على أربعة أركان، هي: الأصل، وحكم الأصل، والفرع، والعلّة، وهي أهم ركن من أركانه؛ لأنَّه لا يوجد إلاَّ إذا وُجدت، إذ عليها مدار تعدي الحكم من الأصل إلى الفرع.
مُقَدِّمَة:
الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، سبحانك اللهم
لا علم لنا إلاَّ ما علّمتنا، إنَّك أنت العليم الحكيم. وأصلِّي وأسلّم على أكرم خلق الله مُحَمَّد بن عبد الله e. وبعد،،،
فقد قسَّم أهل الحديث الخبر باعتبار عدد رواته ونقلته التي توصله إلينا إلى قسمين:
القسم الأوَّل: المتواتر.
والقسم الثاني: الآحاد.
وبهذا الحصر جعلوا كلّ ما عدا المتواتر من أنواع الخبر داخلاً تحت قسم الآحاد، حيث أرادوا بالآحاد: كلّ ما ليس بمتواتر. وعلى ذلك فخبر الآحاد عند المحدثين يشمل ما رواه الواحد، وما رواه الاثنان، وما رواه الثلاثة، وما رواه أكثر من ثلاثة ما لم يبلغ حدّ التواتر.
مُـقَــدِّمَـة:
إنَّ الحمد لله ربّ العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، حمداً يليق بعظمته وجلاله وكبريائه، ثُمّ الصّلاة والسّلام على مَنْ أُرْسِل هادياً للعالمين، ومخرجاً لها من الظلمات إلى النّور بإذن ربّه جلّ وعلا، وعلى آله وأصحابه ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
لا يخفى على متابع لشؤون المسلمين في وقتنا المعاصر ما يحدث فيها من تولي بعض مَنْ ليس أهلاً للفتوى أمرها، واعتداء الجُهّال على مكانتها وقدرها، مِمَّا ترتّب عليه اختلاط الأفهام، وانحراف الاعتقادات والأفكار، في كثير من القضايا الحادثة ذات التأثير الكبير على الأُمَّة الإسلاميّة جمعاء، فكثير من الأحكام أطلقت دون تأمُّل في أدلتها، وبعضها أسيء فهمه، وبعض آخر أخطئ في تنزيله في المحل، إلى غير ذلك من المشكلات التي لا حصر لها ولا حدود.
والرَّسول e بيَّن أنَّ الله تعالى إذا أراد انتزاع العلم فإنَّه ينتزعه بقبض العلماء، حتّى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ النّاس رؤوساً جُهّالاً فَسُئِلُوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا([1]).
فالضلال يحدث بغياب العلماء عن الأُمَّة، وعند ذلك يتخذ النّاس رؤساء جاهلين بأمر الفتوى والدّين، فيفتونهم بغير علم فيَضِلّون ويُضِلّون.
وما أكثر مَنْ يدعي أهليّة الفتوى في هذا العصر وهو عنها بعيد، ويظنّ بنفسه الفهم وهو أبعد ما يكون عن الفهم السديد، يلم فقط ببعض أطراف العلوم، ويعتقد أنه قد أوتي علم الأولين والآخرين، يصدر الأحكام متلقفاً لها من أدلة لم يتعمّق في فهمها، ومن نقول لم يطّلع على مراد أصحابها، فضلّ بذلك خلق كثير، وأسيء فهم أحكام الإسلام وشريعته السمحاء.
وإذا كان الضّلال والانحراف يحدث بسبب تولي مَنْ ليس بأهل لمنصب الفتوى، كان لا بُدَّ من بيان شروط الفتوى وضوابط نقلها للنّاس، حتّى يتميّز المجتهدون المفتون والعلماء الذين يحقّ لهم نقل الفتوى، من الرؤساء الجُهّال والمعتدين بغير علم على هذا المقام الرفيع.
ولمّا كان لبيان هذه الشّروط والضّوابط أهمية بالغة في إصلاح الأُمَّة وقيادتها على الطريق المستقيم، والمنهج السليم، كان هذا البحث في سبيل بيان وإظهار ذلك، علّه يجذب الانتباه ويوقظ من الغفلة. والله المستعان.
([1]) أخرجه الشيخان في صحيحهما: البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، 1/50، ومسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزّمان، 4/2058.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصَّالحات، والصَّلاة والسَّلام على المؤيّد بالآيات والمعجزات. وبعد،،،
فممَّا لاشكّ فيه أنَّ أصول النَّحو العربيّ من الأمور التي شغلت النّحاة كثيراً، متقدميهم ومتأخريهم ومحدثيهم، فألّفوا فيها عدّة مؤلّفات، بذلوا في أمرها جهوداً مقدّرة.
ومع أنَّ أصول النَّحو العربيّ ـ "السَّماع" و"القياس" و"الإجماع" ـ أكثر دوراناً في كتبهم، إلاَّ أنّنا نجد أنّ النّحاة جعلوا النّصوص الشِّعريّة في مقدمة ما ارتكزوا عليه في استنباط قواعدهم النَّحويّة؛ بل ذهب بعضهم إلى ردِّ القراءات القرآنيّة إنْ تعارضت مع ما وضعوه من مقاييسهم، وكأنّ العصمة وكمال الفصاحة اقتصرتا على أشعار العرب.
ومن الذين هاجموا القراءات القرآنيّة، ووصفوها بالضعف في بعض الأحيان، الفرّاء في كتابه: "معاني القرآن"، وابن جرير الطبرى في كتابه: "جامع البيان في تفسير القرآن"، وابن خالويه. وقد ذكر ذلك الدكتور/ أحمد البيلي في كتابه: "الاختلاف بين القراءات.
مُقَدِّمَة:
الحمد لله منزل الكتاب، ومجري السَّحاب، وهازم الأحزاب، والصَّلاة والسَّلام على النَّبيّ e الصادق الأوّاب، الذي كان خُلُقه القرآن، ووصيته القرآن، وميراثه القرآن صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ اهتدى بهديه، وسار بسُنَّته إلى يوم الدِّين، وبعد،،،
فإنَّ من أشرف ما اشتغل به النَّاس في التَّدوين والعلوم ما كان متعلّقاً بكتاب الله الكريم: قراءة، وبياناً، وتفسيراً.
وكلّ علم ارتبط بهذا الكتاب استمدّ منه العلو والشرف والرفعة، ومن هذه العلوم علم تجويد القرآن الكريم، وتحسين قراءته وترتيله، كما أمر بذلك ربّ العالمين بقوله تعالى ]وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً[ [المزمل: 4].
وإلى ذلك أرشد النَّبيّ e بقوله: (اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل الفسق والكبائر، فإنّه سيأتي من بعدي أقوام يرجِّعون القرآن ترجيع النّوح والغناء، مفتونة قلوبهم، وقلوب من يعجبهم شأنهم..)([1]).
([1]) أخرجه الهيثمي في الزوائد، دار الكتب العلميّة، بيروت، برقم 11693، 7/252. قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/118): "لا يصح وفي سنده مجهول، وراويه يروي عن حديث الضعفاء ويدلسهم، وذكر عنه الحافظ في: "اللِّسان" (2/319) أنَّه ليس بمعتمد، والخبر منكر". راجع: جمع الجوامع: للسيوطي، 5/302.
مُقَدِّمَة:
الحمد لله ربّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على معلم البشريّة الأوّل الذي بُعِثَ رحمة للعالمين أجمعين. وبعد،،،
المدرسة مؤسسة اجتماعيّة مهمة، وظيفتها إعداد التلميذ عقليّاً، وروحيّاً، وجسميّاً، وعاطفيّاً، من خلال تقويم سلوكه، وإكسابه خبرات ومهارات جديدة تساعده على التكيُّف مع بيئته، والمدرسة تُعَدُّ مؤسسة اجتماعيّة، لها أثرها في التنمية الاجتماعيّة، فتؤثِّر في المجتمع وتقوده ثقافيّاً وتربويّاً.
إنَّ الهدف التنموي الاجتماعي، بجانب الأهداف التربويّة الأخرى للمدرسة، يتحقَّق من خلال عمليات عديدة؛ منها المنهج، والمعلم، والتلميذ، والبيئة المدرسيّة، والمجتمع حول المدرسة. وباهتمام السياسات التعليميّة بالعناصر المذكورة يزداد أثر المدرسة في مجتمعها الذي تعمل فيه.
وإسهام المدرسة في تنمية المجتمع يُعَدُّ من الإسهامات الكبيرة، لأنَّ المدرسة تعمل في مجال التنمية البشريّة، والتي بها يوجد الإنسان المتعلم والمتدرب والصالح في نفسه والمصلح لغيره.
مُقَدِّمَة:
بدأ تكوين المكتبات المكيّة الخاصة ـ التي تُعَدُّ نواة المكتبات العامة ـ منذ صدر الإسلام، فبالرغم من أنَّه لا يوجد تاريخٌ مؤكَّدٌ يحدّد لنا بداياتها إلاَّ أنَّ هناك نصاً يشير إلى أنَّه كان لصفوان بن أمية الجمحي المكي المتوفى سنة
(41 هـ، 661م) دار مصر بأسفل مكة فيها الوراقون([1]).
وكان من مهامهم: بيع الورق وأدوات الوراقة، ونسخ الكتب وما يختص بها من تجليد وتهذيب... إلخ، وفي الغالب يكونون من طبقة العلماء والأدباء([2]).
كما يُعَدُّ نسخ الكتب مصدراً من مصادر الرزق والكسب الحلال الذي عرفه المجتمع المكي آنذاك، ممَّا يؤثِّر بدوره في انتشار وازدهار المكتبات، فالوراقة وتطوُّرها تُعَدُّ معياراً من معايير التقدُّم والرقي الحضاري العلمي، ممَّا يستوحي منه ازدهار الحركة العلميّة المكيّة المبكرة([3]).
ثم نرى أحد أحفاد صفوان الجمحي يهتم بالكتب ويعتني بها، وذلك بحفظها للإفادة منها في الإطلاع لتثقيف العامة، فيما يشبه إلى حد ما مكتبة خاصة، ويتخذ لها داراً بمكة، ومن المحتمل أنْ تكون دار جده السابق ذكرها وصلت إليه عن طريق الإرث الشرعي.
فعن ذلك يقول الأصفهاني: "كان عبد الحكم بن عمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي قد اتخذ بيتاً فجعل فيه: شطرنجات، ونردات، وقرقات، ودفاتر فيها من كلّ علم، وجعل في الجدار أوتاداً، فمن جاء علَّق ثيابه على وتد منها، ثم جرَّ دفتراً فقرأه أو بعض ما يلعب به فلعب به مع بعضهم"([4]).
([1]) سُمِّيت بذلك لأنَّ تجارات صفوان كانت تأتيه من مصر، وقد يكون من بينها الورق الذي يصنع بمصر في هذه الفترة من نبات البردي. انظر: الأزرقي، أبو الوليد محمد بن عبد الله المكي (ت250هـ): أخبار مكة، تحقيق رشدي الصالح ملحس، دار الثقافة بمكة المكرمة، 1385هـ، 1965م، 2/263، والفاكهي، محمد بن إسحاق بن العباس المكي (ت بعد 272هـ): أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، تحقيق عبد الملك بن دهيش، دار خضر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط/2، 1414هـ، 1994م، 3/337، 243، و4/210.
([2]) كان ياقوت الحموي صاحب كتابيْ: "معجم البلدان" و"معجم الأدباء" من الوراقين، وقد عني بتراجم زملائه في المهنة في كتابه الأخير، 1/48، كذلك كان من الورقين ابن النديم، صاحب كتاب: "الفهرست". انظر: المقدمة، ص5.
([3]) الفاسي، تقي الدين محمد بن أحمد بن علي المكي (ت832هـ): العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، تحقيق فؤاد سيد ومحمود الطناحي، مطبعة السُّـنَّة المحمديّة، القاهرة، 1381هـ، 1962م، 6/57.
([4]) الأصفهاني، أبو الفرج علي بن حسين بن محمد بن أحمد الأموي (ت 356هـ): الأغاني، دار صعب، بيروت (د. ت)، 4/52.