مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقدّ عُلم أنّ الفقه في الدين من أجلّ العلوم وأعلاها قدراً وشأناً، وهو من الخير المتفق عليه بين العالِـمين، لا يُشكّ أن صاحب الشريعة الرسول الكريم r لا ينطق عن الهوى، ولا يقول إلا الهدى، وقد قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)([1]).
فالفقهاء في كل عصر ومصر يقومون بمهمة التوقيع عن رب العالمين والقيام على ميراث النبيين بحرص وأمانة يؤدون ما عليهم من النظر والتأويل والاجتهاد والاستنباط، كلّ ذلك يستخدمون آليات الفقه في تحصيل الأحكام وربطها بأصولها التشريعية.
من هذه الآليات الدقيقة التي يعملونها في المستجدات والحوادث والوقائع التي لم ينطق فيها من سبقهم من الأئمة ولم يظهر حكمها في نصّ منقول أو رأي معقول مسبوق؛ "التخريج"وهو العلم الذي تأخّر تخصيصه بتصنيف، وتأخّر أكثر تعريفه وترتيبه وتدوينه، ويجد اليوم شيئاً من اهتمام الباحثين من أهل الفقه وأصوله لإخراجه علماً من علوم الفقه والأصول، وجعله عَلَماً ولقباً على فنّ خاص بإلحاق المستجدات واستيعاب الوقائع الحادثات ضمن مذاهب أهل الفقه، وأقوال الأئمة والفقهاء.
وممن خدم هذا العلم في هذا العصر الدكتور يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين بكتابه: (التخريج عند الفقهاء والأصوليين ) ثم بدأت البحوث تترى بعده وإن كانت لا تزال قليلة.
وفي هذا البحث قصدت أن أبيّن حقيقة التخريج الفقهي وما يميّزه عن غيره من المصطلحات المشابهة والعلوم التي يظن أنها له مطابقة، حتى يُعرف التخريج الفقهي بوضوح، كما أردت أن أنبّه إلى أن التخريج الفقهي ليس على رتبة واحدة بل هو على رتبتين. فجاء البحث على ثلاثة مباحث على النحو الآتي:
المبحث الأول في: تعريف التخريج في اللغة والاصطلاح.
والمبحث الثاني في: علاقة المصطلحات المشابهة بالتخريج.
المبحث الثالث في: مراتب التخريج الفقهي.
والله أسأله التوفيق والسداد ، وأن يتقبله منا ويجعل عملنا كله صالحاً وأن يجعله لوجهه خالصاُ وأن لا يجعل لأحدٍ فيه شيئاً.
([1]) أخرجه البخاري في العلم برقم71 ج1ص 39، ومسلم برقم1037، ج2 ص 718 عن معاوية t.
مقدمة :
بسم الله تبركاً واستعانة والحمد لله شكرا واستزادة وبعد،،
فهذا البحث جزء من سلسلة المراد أن تكون متواصلة-بإذن الله- ، قصد منها تناول دراسة أحاديث المنهيات المتعلقة بالمعاملات وقد قمت بدراسة هذا الجزء منها وهي أحاديث قد أبان العلماء أحكامها في طيات كتب شروح الحديث وغيرها من المظان المساعدة في هذا المجال، غير أني عمدت عند كتابة هذا الجزء إلى بيان أوجه الدلالات من تلك الأحاديث والربط بين الأحكام الشرعية المستقاة من دلالاتها وبين القواعد الأصولية التي أثمرتها.
والمقصد التبعي تذكير المهتمين بهذا المجال بضرورة الربط بين الأصول والفقه وقواعده؛ لأنه منهج يثري البحث، ويحقق المران على مسالك الاستنباط السليم التي نهجها المجتهدون، كما تثمر اطمئنان القلب إلى الأحكام المستفادة من أدلتها التفصيلية ببيان منبعها الأصلي من الأدلة الجمالية، لاسيما إذا تأكد ذلك بتحكيم هذه السلسلة البحثية تقويماً وتصويباً.
وقد سلكت لتحقيق هذا: البحث المنهج الاستقرائي التحليلي، تتبعا لموارد البحث وتحليلا لمادته وإجابة عن إشكالياته، فاحتوي هذا الجزء في ثلاثة مطالب:
الأول منها تناول دلالات الأحاديث المتعلقة ببيع الميتة والخنزير والأصنام.
و الثاني جاء الكلام فيه عن دلالات الأحاديث المتعلقة ببيع الخمر.
وختمت بالثالث المتعلق بثمن الكلب والدم.
ثم تلا ذلك خاتمة البحث وفهرس المصادر والمراجع.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمع بين أعيان معينة مختلفة في مطلب واحد؛ اقتضاه سياق النهي الوارد في الأحاديث محل الدراسة، وقد أفرد بعض مسائلها في مطلب خاص بها؛ لورودها في أحاديث أخرى.
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه أهل الصدق والوفاء.
أما بعد: فهذا بحث موجز في إمكان إعطاء غير المسلمين من الزكاة، وأخذ نظيرها منهم، أعددته استجابة لطلب إخواننا المسئولين عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي زادهم الله توفيقاً وسداداً (1).
وتأتي أهمية هذا البحث من حيث إنه يعالج قضية قديمة متجددة، شغلت بال العلماء والباحثين قديماً وحديثاً، وقد تناولت قضاياه من خلال موضوعين رئيسين، هما:
الأول: إمكان إعطاء غير المسلمين من مصارف الزكاة المختلفة.
الثاني: تحصيل ما يكافئ الزكاة من غير المسلمين.
أما الموضوع الأول: فقد تتبعت بالدراسة مسائله من خلال مصارف الزكاة المختلفة موازناً لأقوال العلماء فيه، بحثاً عن المصرف الذي يصلح أن يعطوا منه شرعاً.
وأما الموضوع الثاني: فقد استعرضت فيه أقوال العلماء الأقدمين والمعاصرين مخضعاً ذلك كله للتجارب العملية المعاصرة، وبعد الموازنة خلصت في النهاية إلى اعتماد ما ظهر لي أنه الصواب.
فإن كنت قد وفقت فلله الحمد والمنة، وإن كانت الأخرى فالله أسأل العفو والصفح والمغفرة، إنه جواد كريم.
(1) قُدم للندوة الفقهية العالمية لقضايا الزكاة المعاصرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بالتعاون مع الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة المنعقدة بدولة البحرين 18ـ20 ربيع الأول 1428هـ الموافق له 05ـ07 مايو 2007م.
المقدمـــة
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الأمر والنهي هما خطابا التكليف([1])، ومعظم الابتلاء بهما، وبمعرفتهما تتم معرفة الأحكام، ويتميز الحلال من الحرام، وقد عظم الاهتمام بمسائلهما، ومن مسائل الأمر وقواعده الدقيقة التي قد تخفى على بعض أهل الاختصاص قاعدة الفرق بين الأمر المطلق ومطلق الأمر، وهي قاعدة عظيمة نافعة جداً في أبواب كثيرة كما قال([2]) المرداوي([3]).
وقد ذكرها الإسنوي([4])، وأشار إليها عند حديثه عن الواو العاطفة، وهل تفيد الترتيب فقال: "وهذا فرق لطيف غريب، ولم أر من نبّه عليه"([5]).
كما أن البحث فيها يأتي استجابة لطلب الزركشي([6])، حيث قال عند قول ابن السبكي([7]) في جمع الجوامع: مسألة: مطلق الأمر لا يتناول المكروه. قال: "ولك أن تبحث عن قول المصنف مطلق الأمر، وعدوله عن عبارة السمعاني([8])، الأمر المطلق"([9]).
([1]) انظر: عرف ابن قدمة، التكليف في روضة الناظر 1/220 بأنه: "الخطاب بأمر أو نهي".
([2]) انظر: التحبير للمرداوي 2/605.
([3]) هو: أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرداوي، الشيخ الإمام العالم، شيخ المذهب وإمامه ومصححه ومنقحه، الفقيه الأصولي النحوي الفرضي المحدث، له عدة مصنفات منها: الإنصاف والتنقيح المشبع في الفقه، وتحرير المنقول في علم الأصول وشرحه التحبير، توفي سنة 885هـ. انظر: الضوء اللامه 5/225. والمنهج الأحمد 5/290. وشذرات الذهب 7/340.
([4]) هو: عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر القرشي الإسنوي، جمال الدين، الفقيه الأصولي النحوي، النظار، له عدة مصنفات منها: نهاية السول، والتمهيد في الأصول، توفي سنة 772هـ. انظر: شذرات الذهب 6/22. والدرر الكامنة 2/354.
([5]) انظر: التمهيد للإسنوي، ص 10. والكوكب الدُّري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية للإسنوي/333.
([6]) هو: محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي المصري الشافعي، لقب بالمصنف لكثرة تصانيفه، من تصانيفه في الأصول: البحر المحيط، تشنيف المسامع شرح جمع الجوامع، سلاسل الذهب، توفي سنة 794هـ. انظر: طبقات ابن قاضي شهبة 3/167. والدرر الكامنة 4/17.
([7]) هو: عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، أبو نصر، الأصولي المؤرخ، له عدة مصنفات منها: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، وجمع الجوامع في أصول الفقه، وأكمل الإبهاج الذي بدأه أبوه تقي الدين، وله الأشباه والنظائر، وطبقات الشافعية، توفي سنة 771هـ. انظر: الدرر الكامنة 2/425. والفتح المبين 2/191.
([8]) هو: منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي، أبو المظفر السمعاني، المفسر المحدث، والأصولي، له عدة مصنفات منها: تفسير القرآن الكريم، وقواطع الأدلة في اصول الفقه، توفي سنة 489هـ. انظر الطبقات الكبرى للسبكي 4/21. والفتح المبين 1/279.
([9]) انظر: تشنيف المسامع بجمع الجوامع 1/277.
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى اله وصحبه أهل الصدق والوفاء.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديِ له، وأشهد ألاّ إله إلاّ الله، وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسولهَ -صلى الله عليه وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) ([1])
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)([2])
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ([3])
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هدى محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم –وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد كثر في الأونة الأخيرة الهجوم على السنة النبوية المطهرة الشريفة، من قائل بذلك صراحة - وهم قلة – ومن فاعل ذلك دون قول، والعجيب أن اتباع الطائفة الثانية مسلمون غيورون على دينهم، إلا أنهم يرددون ما يقال لهم دون وعي منهم مريحي، فأردت بهذا البحث المتواضع أن أوضح الأمور للناظرين، وحتى تقام الحجة على من لايعلم، وأخترت لهذا البحث عنوان: الدفاع عن السنة جعلت فيه هذه المقدمة، وثلاثة فصول، وذلك لكثرة الشبهات المثارة، والمواضيع التي تستحق الكتابة فيها، أخص كل فصل بموضوع، تدخل تحته جملة من المباحث المناسبة له.
الفصل الأول : جعلته بعنوان : حجية السنة النبوية.
الفصل الثاني : بعنوان : كتابة السنة النبوية .
الفصل الثالث : بعنوان : عدالة الصحابة .
حاولت في كل فصل ومبحث، أن أورد الشبهة أو الموضوع أولاً، ثم اذكر الرد عليه من بعد، مستعيناً بالله متوكلاً عليه، جاعلاً كلام الله – عز وجل – وبيان رسوله – صلى الله عليه وسلم – هادياً لي ومرشداً، مستفيداً من كلام العلماء الثقات في ذلك.
وطريقتي التفصيلية هي أن أورد الآية القرآنية – إن شاء الله تعالى – ثم أبين السورة التي وردت فيها، مع ذكر رقم الآية، أما الأحاديث النبوية، فإني استشهد بها، وإن كانت في الصحيحين أو أحدهما، فإني أبين ذلك، وإن كان الحديث في غيرهما أبين موضعه، وأحكم عليه بما يليق بحاله.
الحمد لله رب العالمين الذي وفق من اصطفاه لخدمة الدين، وفتح باب العلوم والفهوم لمن اختاره من عباده المخلصين، وأشهد أنََ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ومصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فإن القياس من أهم أبواب أصول الفقه ، حيث إنه ثمرة عملية لمعرفة الكتاب والسنة النبوية ، وفيه إعمال للعقل من خلال أدلة الشرع، ومباحثه من أعمق مباحث أصول الفقه ، لا يغوص في لججها إلا الفحول ، ولا يستخلص اللآلي من أصدافها إلا من تمكن من المنقول والمعقول، و يعتبر من أشكل مباحثه مباحث قوادح العلة ومن عظائم مشكلاتها الكلام في النقض كما قال ابن السبكي[1]، وذلك لما فيه من كثرة الأقوال للعلماء في تأثيره على العلة، ولذلك اخترت أن يكون موضوع بحثي هذا النقض عند الأصوليين.
[1] / الإبهاج شرح المنهاج لابن السبكي 3/85
ما ا لمراد بإجماع أهل المدينة ؟
لم يكن الإمام مالك رحمه الله – هو أول من استدل بإجماع أهل المدينة ، وإنما ظهر الاستدلال به منذ زمن الصحابة الكرام رضي الله عنهم 0 فقد روى ابن أبي حازم قال : (كان أبو الدرداء يسأل فيجيب، فيقال له : إنه قد بلغنا كذا وكذا بخلاف ما قال ، فيقول : وأنا قد سمعته ولكن أدركت العمل على غير ذلك )([1])
1/ وقال الإمام مالك - رحمه الله - : ( رأيت محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم - وكان قاضياً - وكان أخوه عبد الله كثير الحديث رجل صدق فسمعت عبد الله إذا قضى محمد بالقضية قد جاء فيها مخالفاً للقضاء يعاتبه، يقول : ألم يأتِ . في هذا حديث كذا ، فيقول : بلى ، فيقول له أخوه : فمالك لا تقضي به 0 فيقول : فأين الناس عنه ؟ يعني ما أجمع عليه من العمل بالمدينة يريد أن العمل به أقوى من الحديث )([2])
2/ وقد كان ربيعة([3]) شيخ الإمام مالك على هذا النهج أيضاً ، فكان يقول ( الف عن الف أحب إلي من واحد عن واحد ، لأن واحداً عن واحد ينتزع السنة بين أيدكم ) ([4])و قد سار الإمام مالك رحمه الله في هذا على طريق من سبقوه فكان يقول عن شيخه ابن شهاب([5]) سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة ما حدثت بها قط 0 قيل له لم ؟ قال : ليس عليها العمل 0 ولكن لكثرة ما أفتى به الإمام مالك وما دونه في الموطأ من تقرير هذا الأمر أشتهر به أكثر من غيره 0 وقد اختلفت عبارته فيه فمرة يقول ( الأمر المجتمع عليه عندنا) وأخرى ( الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا) وثالثه ( السنة التي لا اختلاف فيها عندنا ) وهكذا 0وقد أدت هذه المصطلحات ببعض الأصوليين إلى اتهام الإمام مالك وأتباعه بأنهم يقولون : إن الإجماع هو إجماع أهل المدينة وإنهم إذا أجمعوا على أمر صار مقطوعاً به وإن خالفهم فيه غيرهم )([6])
[1] أنظر ترتيب المدارك 1/046
[2] المصدر السابق 1/ 045
[3] ربيعة بن أبي عبد الرحمن خروخ – معروف بربيعة الرأي فقيه أهل المدينة أدرك جماعة من الصحابة ، قال سدار ابن عبد الله : مارأيت أحداً أعلم من ربيعة الرأي ، مات سنة 130 هـ انظر ترجمته وفيات الأعيان 2/288 0
[4] ترتيب المدارك 1/ 046
[5] ابن شهاب : محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري ،أحد الفقهاء والمحدثين، رأى عشرة من الصحابة ، قال امكحول : أعلم من رأيت الزهري، وقال عمرو بن دينار : ما رأيت مثل هذا الفتى القرشي قط . مات سنة 124هـ . انظر وفيات الأعيان 4/ 177- 179.
[6] أنظر الأحكام لابن حزم 4/717 ، كشق الأسرار 3/ 0241
مقدمة:
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم, الحمد لله الذي وهب الإنسان العقل ليميز الخبيث من الطيب, الحمد لله الذي بين لنا الحرام ونهانا عن اقترابه, وأمرنا باجتنابه, وأصلي وأسلم على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار وصحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
فقد حرم الله فيما حرم الخمر وأمرنا باجتنابه, قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[1] هذه الآية بينت أن المذكورات ومنها الخمر رجس من عمل الشيطان ومن المذكورات الأنصاب والأزلام وهي من عمل الشرك . لذلك قال بعض الصحابة عندما نزلت هذه الآية: حرمت الخمر وجعلها الله سبحانه وتعالى عدلاً للشرك.
فالخمر حرام واجتنابه واجب أي البعد عنه, ولفظ الاجتناب يتعدى حرمة الشرب إلى حرمة الاقتراب والتعامل فيها, وإنما حرمت الخمر لأنها تعطل وظيفة العقل, هذه النعمة التي ميز الله بها الإنسان للتقرب إليه بالعبادة, وتجنب ما نهى عنه, فبغير العقل لا يميز الإنسان بين الحلال والحرام.
أما إذا تعدى الإنسان أمر الله سبحانه وتعالى باجتناب الخمر وشربها حتى سكر وغطى السكر عقله وأتى من التصرفات من الأفعال والأقوال هل يلزم بها أم يلحق بمن لا عقل له؟ ومن هذه التصرفات حالات الطلاق ممن تعدوا حدود الله وشربوا الخمر وما جرى مجرى الخمر, وسكروا وطلقوا زوجاتهم, وبعضهم طلق فبت طلاق زوجته, ثم يبحثون عمن يفتيهم بعدم وقوع الطلاق.
عليه فهل يلزم هذا السكران بطلاقه ونعتبره كالصاحي أم لا يلزم به ونلحقه بمن لا عقل له؟.
للإجابة عن هذا التساؤل نبحث هذه المسألة في الصفحات التالية عن حكم طلاق السكران في الفقه الإسلامي والقانون السوداني وذلك في المباحث التالية.
المبحث الأول : في تعريف السكران.
المبحث الثاني: في حكم طلاق السكران بغير معصية في الفقه والقانون السوداني.
المبحث الثالث: في حكم طلاق السكران بمعصية في الفقه والقانون السوداني.
نرجو من الله تعالى الإعانة والتوفيق لإتمام هذا البحث ويجعله نافعا ً للعباد وصلى الله علي سيدنا محمد وأله وسلم
[1] سورة المائدة الآية 90
مقدمــة :
الإرهاب ظاهرة إجرامية خطيرة وتتباين تعريفاته والرؤي حولها . وتكمن خطورة الإرهاب في بث الرعب والخوف في النفوس ، والقتل والتخريب للممتلكات العامة والخاصة ، أي تسبيب أضرار بشرية ومادية فادحة .
فالإسلام دين السلام والأمن والإنسانية نهى عن الإرهاب والإفساد في الأرض والتخريب فيقول الله سبحانه وتعالي في محكم تنزيله : ) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا[ (1) لكن في عصرنا الحديث كثر العنف والعدوان والفساد ، وأصبح مصطلح الإرهاب من المصطلحات الشائعة والمستخدم في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة . لكن بالرغم من ذلك لا يوجد تعريف شامل متفق عليه ، خاصة على المستوى الدولي ، بالرغم من وجود مشروع أعدته الأمم المتحدة لقمع الأرهاب ومكافحته ، والسبب في ذلك الاختلاف ، يتمثل في أن دول العالم الثالث ترى مشروعية المقاومة والكفاح ضد المحتل أو المستعمر بهدف تحقيق المصير ، أما الدول الاستعمارية ترى عكس ذلك ، فكل مقاومة ضد الاحتلال تعتبر إرهاباً والأخطر من ذلك ربطت العديد من الدول الغربية الإرهاب بالإسلام والمسلمين بالرغم من أن الإسلام كما أشرنا دين سلام ورحمة وإنسانية . لذلك يهدف هذا البحث لدراسة تعريف الإرهاب .
(2) سورة الأعرف آية : 56 .